صفية بنت حُيّي بن أخطب بن سعنة بن ثعلبة بن عبيد بن كعب بن أبي حبيب، من بني النضير وهو من سبط لاوَى بن يعقوب، ثم من ذرية هارون بن عمران أخي موسى عليهما السلام.
كانت تحت سلام بن مشكم، ثم خلف عليها كنانة بن أبي الحقيق، فقتل كنانة يوم خيبر، فصارت صفية مع السَّبْي، فأخذها دحية ثم استعادها النبي - صلى الله عليه وآله وسلم- فأعتقها وتزوجها.
ثبت ذلك في "الصحيحين" من حديث أنس مطولا ومختصرا.
وقال ابن إسحاق في رواية يونس بن بكير، عنه حدثني والدي إسحاق بن يسار، قال: لمّا فتح رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم- الغموص حصن بني أبي الحُقَيْق أتى بصفية بنت حيي ومعها ابنة عم لها جاء بهما بلال.
فمر بهما على قتلى يهود، فلما رأتهم المرأة التي مع صفية صكت وجهها، وصاحت وحثت التراب على وجهها، فقال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم-: أعزبوا هذه الشيطانة عني، وأمر بصفية فجُعلت خلفه، وغطى عليها ثوبه فعرف الناس أنه اصطفاها لنفسه، وقال لبلال أَنُزِعَتْ الرحمة من قلبك حين تَمُرُّ بالمرأتين على قَتْلاهُمَا؟ .
وكانت صفية رأت قبل ذلك أن القمر وقع في حِجرها، فذكرت ذلك لأمها فلطمت وجهها، وقالت: إنك لتمدين عنقك إلى أن تكوني عند ملك العرب، فلم يزل الأثر في وجهها حتى أتى بها رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم- فسألها عنه فأخبرته.
وأخرج ابن سعد عن الواقدي بأسانيد له في قصة خيبر قال: ولم يخرج من خيبر حتى طهرت صفية من حيضها فحملها وراءه، فلما صار إلى منزل على ستة أميال من خيبر مَالَ يريد أن يُعَرِّسَ بها، فأبت عليه، فَوَجَدَ في نفسه، فلمّا كان بالصهباء وهي على بريد من خيبر، نزل بها هناك فمشطتها أم سليم وعطرتها.
قالت أم سنان الأسلمية وكانت من أضوأ ما يكون من النساء، فدخل على أهله، فلما أصبح سألتها عما قال لها، فقالت: قال لي: ما حملك على الامتناع من النزول أولا؟ فقلت: خشيت عليك من قرب اليهود، فزادها ذلك عنده
وقال ابن سعد أيضا: أخبرنا عفان، حدثنا حماد، عن ثابت، عن سمية، عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم- كان في سفر فاعتلّ بَعِيرٌ لِصَفِيَّة، وفي إبل زينب بنت جحش فَضْلٌ، فقال لها: إنَّ بعيرًا لصفية اعتَلَّ، فلو أعطيتِها بعيرًا؟ فقالت: أنا أعطي تلك اليهودية! فتركها رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم- ذا الحجة والمحرم - شهرين أو ثلاثة- لا يأتيها، قالت زينب: حتى يئست منه.
وأخرج ابن أبي عاصم من طريق القاسم بن عوف، عن أبي برزة، قال: لمّا نزل النبي - صلى الله عليه وآله وسلم- خيبر كانت صفية عروسا في مُجَاسدها، فرأت في المنام أن الشمس نزلت حتى وقعت على صدرها، فقصت ذلك على زوجها، فقال: ما تَمَنِّين إلا هذا الملك الذي نزل بنا. قال: فافتتحها رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم- فضرب عنق زوجها صبرًا.. . الحديث.
وفيه: فألقى تمرًا على سقيفة، فقال: كلوا من وليمة رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم- على صفية.
وذكر ابن سعد من طريق عطاء بن يسار، قال: لما قدمت صفية من خيبر أُنزلت في بيت لحارثة بن النعمان، فسمع نساء الأنصار، فجئن ينظرن إلى جمالها، وجاءت عائشة متنقّبة، فلما خرجت، خرج النبي - صلى الله عليه وآله وسلم- على أثرها، فقال: كيف رأيت يا عائشة؟ قالت: رأيت يهودية. فقال: لا تقولي ذلك؛ فإنها أسلمت وحسن إسلامها.
ولها ذكر في ترجمة أم سنان الأسلمية وفي ترجمة أمية بنت أبي قيس.
وأخرج من طريق عبد الله بن عمر العمري، قال: لمّا اجتلى رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم- صفية رأى عائشة منتقبة بين النساء، فعرفها، فأدركها فأخذ ثوبها، فقال: كيف رأيت يا شُقَيْرَاء؟ .
وأخرج بسند صحيح من مرسل سعيد بن المسيب، فقال: قدمت صفية وفي أذنها خُوصة من ذهب، فوهبت منه لفاطمة ولنساء معها.
وأخرج الترمذي من طريق كنانة مولى صفية أنها حدثته، قالت: دخل عليَّ النبي - صلى الله عليه وآله وسلم- وقد بلغني عن عائشة وحفصة كلام، فذكرت له ذلك، فقال: ألا قلت: وكيف تكونان خيرًا مني وزوجي محمد، وأبي هارون، وعمي موسى وكان بلغها أنهما قالتا: نحن أكرم على رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم- منها، نحن أزواجه وبنات عمه.
وقال أبو عمر: كانت صفية عاقلة حليمة فاضلة، روينا أن جارية لها أتت عمر، فقالت: إن صفية تحب السَّبْتَ وتَصِلُ اليهود، فبعث إليها فسألها عن ذلك، فقالت: أمَّا السبت فإني لم أحبه منذ أبدلني الله به الجمعة، وأما اليهود فإن لي فيهم رحما، فأنا أصلها، ثم قالت للجارية: ما حملك على هذا؟ قالت: الشيطان. قالت: اذهبي، فأنت حُرة.
وأخرج ابن سعد بسند حسن، عن زيد بن أسلم، قال: اجتمع نساء النبي - صلى الله عليه وآله وسلم- في مرضه الذي توفى فيه، واجتمع إليه نساؤه، فقالت صفية بنت حيي: إني والله يا نبي الله لوددت أن الذي بك بي، فَغَمَزْنَ أزواجه ببصرهن، فقال: مَضْمَضْنَ. فقلن: من أي شيء؟ فقال: من تغامزكن بها، والله إنها لصادقة.
روت صفية عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم-، وروى عنها ابن أخيها، ومولاها كنانة ومولاها الآخر يزيد بن معتب، وزين العابدين علي بن الحسين، وإسحاق بن عبد الله بن الحارث بن مسلم بن صفوان.
قيل: ماتت سنة ست وثلاثين؛ حكاه ابن حبان، وجزم به ابن منده، وهو غلط؛ فإن علي بن الحسين لم يكن وُلد، وقد ثبت سماعه منها في "الصحيحين".
وقال الواقدي: ماتت سنة خمسين، وهذا أقرب.
وقد أخرج ابن سعد من حديث أمية بنت أبي قيس الغفارية بسند فيه الواقدي.
قالت: أنا إحدى النسوة اللاتي زففن صفية إلى رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم- فسمعتها تقول: ما بلغت سبع عشرة سنة يوم دخلت على رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم-. قال: وتوفيت صفية سنة اثنتين وخمسين في خلافة معاوية
وأخرج ابن سعد أيضا بسند حسن، عن كنانة مولى صفية، قال: قدمت بصفية بغلة لتردّ عن عثمان، فلقينا الأشتر، فضرب وجه البغلة، فقالت: رُدُّوني لا يفضحني. قال: ثم وضعت حسنًا بين منزلها ومنزل عثمان، فكانت تنقل إليه الطعام والماء.
المصدر: موقع إسلاميات